الأربعاء، 13 أكتوبر 2010

مؤيدو المالكي وقياديون في ائتلافه يحذرون: التحالف مع الصدر سيكون بثمن
بعضهم شكوا: إنه يفرج عن القتلة.. ويفرط في الأمن كي يحتفظ بمنصبه
بغداد: ليلى فاضل *
بدأ رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي يفقد شعبيته في الشارع العراقي، وأصبح يثير قلق واشنطن والعواصم الإقليمية العربية في الوقت الذي حصل فيه على الدعم البرلماني اللازم للاحتفاظ بمنصبه.

فقد عزز قرار التيار الصدري، المعارض بشدة لوجود القوات الأميركية في العراق، دعم ترشيح المالكي لمنصب رئيس الوزراء حظوظه بالفوز بولاية ثانية. لكن الناخبين الذين صوتوا لصالح المالكي في انتخابات 7 مارس (آذار) يقولون إنه يضحي بأمنهم وأصواتهم من أجل البقاء في منصبه في الوقت الذي يدخل العراق شهره الثامن بعد إجراء الانتخابات العامة من دون تشكيل حكومة جديدة.

وأنصار المالكي كانوا يشيدون به لدوره في القضاء على جيش المهدي، الجناح العسكري للتيار الصدري، لكن يبدو أن وعده الانتخابي بالاستمرار في جهوده الهادفة إلى تحسين الوضع الأمني قد تلاشت، كما يقول سكان بغداد.

ويقول العراقيون، من سكان المناطق العراقية التي كانت معاقل للتيار الصدري، إن المالكي يقوم بإطلاق سراح الميليشيات الشيعية ويسمح لها من جديد بإعادة تجميع صفوفها وذلك بموجب صفقة سياسية تم إبرامها بينه وبين من كان أكبر منافس شيعي له، وهو التيار الصدري. ويقول هؤلاء العراقيون أيضا إن المالكي أصدر قرارات بالإفراج عن المئات من المسلحين الشيعة في الأسابيع القليلة الماضية للمساعدة في ضمان تأييد التيار الصدري لترشحه لرئاسة الوزراء.

وخارج مقهى صغير في مدينة الصدر، أخذ عدد من الرجال الذين كانوا جالسين على مقاعد متهالكة ويلعبون الدومينو يتجادلون حول مستقبل وطنهم، وأخذوا ينظرون حولهم وهم يشعرون بالقلق من أن يسمعهم أحد، وقال جواد كاظم زايد: «لقد جلب المالكي لنا الأمن» مضيفا أنه يفرط فيه الآن. وتابع «معظم الصدريين يعارضون الحكومة وأحد شروطهم للمشاركة في حكومة المالكي هو إطلاق سراح المجرمين. لدينا هنا قتلة، إنهم يفرجون عنهم ونحن نعرف وجوههم». وقال إنه بالفعل كان هناك تهديدات من الرجال الذين تم إطلاق سراحهم مؤخرا. وأضاف صديقه رحيم حسين، بينما كان يلتفت حوله في الشارع: «إننا لسنا مرتاحين. أصواتنا لم تعد لها قيمة. لقد منحنا أصواتنا إلى المالكي لكنه سرقها وأعطاها للمجرمين».

والبعض من داخل كتلة المالكي يعترفون بأن دعم التيار الصدري، على الرغم من أنه قد يساعد المالكي على البقاء في منصبة كرئيس للوزراء، سيضر بصورته محليا ودوليا. وبينما تؤيد إيران وقوف شيعة العراق وراء حكومة يقودها المالكي، فإن بعض الدول العربية تقول إنها تشعر بالقلق من حكومة يقودها الشيعة بالتعاون مع مجموعة سياسية لا تزال تمتلك جناحا مسلحا، وقد تلعب دورا كبيرا في الحكومة العراقية الجديدة.

وقال عزت الشابندر، عضو ائتلاف دولة القانون الذي يتزعمه المالكي: «لا أعتقد أن هذه الصفقة يمكن أن تتم من دون ثمن من شأنه أن يحرج المالكي. وسيتعين عليه أن يدفع الثمن، فالتيار الصدري غير مرحب به دوليا أو إقليميا».

ويدعم مسؤولون أميركيون تشكيل حكومة موسعة، ويصرون على أنهم ليس لديهم مرشح بعينه، وهم يشعرون بالقلق من أنه مع مرور الوقت فإن المكاسب الأمنية التي تحققت خلال العامين الماضيين قد تتلاشى.

وقد قلل دعم التيار الصدري للمالكي من جاذبيته كمرشح لرئاسة الوزراء بالنسبة للولايات المتحدة، التي كانت تضغط لإبقائه في منصبه لولاية ثانية في إطار حكومة شاملة تضم العرب الشيعة والعرب السنة والأكراد. وفي الأسبوع الماضي، حذر السفير الأميركي في بغداد جيمس جيفري من أن تشكيل حكومة تسمح بوجود قوي للتيار الصدري سيؤدي إلى إضعاف الديمقراطية العراقية الوليدة وقال: «نحن نقول ببساطة إن أي شخص لا يميز بين العمل السياسي السلمي وعمليات العنف والتهديد والتخويف يعتبر شريكا مثيرا للقلق بالنسبة للعملية الديمقراطية».

وقد تبنى المالكي برنامجا سياسيا يدعو إلى سيادة القانون والوحدة الوطنية، مما جعله يفوز بعدد من الأصوات أكثر من أي مرشح آخر، لكن كتلته السياسية جاءت في المرتبة الثانية، بفارق مقعدين، عن الكتلة التي يقودها إياد علاوي، العلماني الشيعي المدعوم من السنة.

والآن يحاول المالكي الحصول على الدعم الكافي من الكتل السياسية الأخرى لتكون لديه أغلبية في البرلمان تسمح له بتشكيل حكومة تقود البلاد بعد انسحاب الجيش الأميركي من العراق بنهاية 2011.

وقد أصبح المالكي رئيسا للوزراء عام 2006 وتم اختياره لهذا المنصب لأنه كان ينظر إليه على أنه مرشح شيعي توافقي. وساعده دعم التيار الصدري في هذه الفترة في إلحاق الهزيمة بالتحالف المنافس له. وقد ارتفعت وتيرة العنف الطائفي خلال السنة الأولى من توليه رئاسة الوزراء وتصاعدت الحرب الأهلية، وبدأت الجماعات السنية المدعومة من الولايات المتحدة في محاربة المتطرفين السنة. واتهم المالكي بغض الطرف عن المسلحين الذين كانوا يجوبون الشوارع، ولكنه أصدر في ربيع عام 2008 أمرا بشن هجوم على جيش المهدي في مدينة البصرة الجنوبية. واشتبكت القوات العراقية مع الميليشيات الشيعية في مدن العراق المختلفة من الجنوب إلى الأجزاء التي كانت تسيطر عليها في بغداد. وقد تم اعتقال المئات، إن لم يكن الآلاف، من أتباع الصدر، فيما وصفه التيار الصدري بالاعتقالات الظالمة قبل أن يأمر زعيم التيار، مقتدى الصدر، مقاتليه بوقف القتال. وبسبب هذه العملية خسر المالكي حليفه السياسي، لكن شعبيته ارتفعت بين الكثير من العرب الشيعة وبعض العرب السنة الذين أجهدهم حكم مسلحي جيش المهدي.

والآن بدخوله في شراكة مع التيار الصدري، فإن المالكي يخاطر بفقدان دعم ناخبيه. وقد سارع مساعدو المالكي في تقديم تأكيدات على أن التيار الصدري يسعى للعب دور إيجابي في العراق، وأن المالكي لن يسمح بإعادة ظهور الميليشيات في الشوارع. وخلال المفاوضات مع التيار الصدري، وعد المالكي بأن الحكومة ستعيد النظر في المعتقلين من التيار الصدري وغيرهم من الذين سجنوا من دون توجيه اتهامات لهم. وقال علي الأديب، العضو البارز في ائتلاف دولة القانون: «إن المعتقلين الذين تم إطلاق سراحهم في الآونة الأخيرة لم يرتكبوا أي جريمة وهم أبرياء. ولقد طلب التيار الصدري بأن يكون شريكا حقيقيا في الحكومة».

* خدمة «واشنطن بوست» خاص بـ«الشرق الأوسط»



ليست هناك تعليقات:

LinkWithin

Related Posts Plugin for WordPress, Blogger...